سليمان بن مهران الشهير بالأعمش، إمام، مقرئ، محدث، و كان صاحب طرفة و نكته، و هذا بعض ما ورد في هذا الشأن، فأتمنى أن تستمتعوا بقراءتها:
جاء
رجل نبيل كبير اللحية إلى الأعمش ، فسأله عن مسألة خفيفة في الصلاة ،
فالتفت الأعمش إلى أصحابه وقال : انظروا إليه ! لحيته تحتمل حفظ أربعة
آلاف حديث ، ومسألته مسألة صبيان الكُتاب .
- عن أبي بكر بن عياش قال : رأيت الأعمش يلبس قميصاً مقلوباً ويقول :الناس مجانين يجعلون الخشن مقابل جلودهم .
-
وقيل : إن الأعمش كان له ولد مغفل فقال له : اذهب فاشتر لنا حبلاً للغسيل
. فقال : يا أبة طول كم ؟ قال : عشرة أذرع . قال : في عرض كم ؟ قال : في
عرضي مصيبة فيك .
-
ويقال : إنه لبس مرة فرواً مقلوباً ، فقال له قائل : يا أبا محمد لو
لبستها وصوفها إلى داخل كان أدفأ لك . قال : كنت أشرت على الكبش بهذه
المشورة .
عن
ابن إدريس ، قال لي الأعمش : أما تعجب من عبد الملك بن أبجر قال : جاءني
رجل فقال : إني لم أمرض وأنا أشتهي أن أمرض ، قال : فقلت : احمد الله على
العافية ، قال : أنا أشتهي أن أمرض . قال : كل سمكاً مالحاً ، واشرب
نبيذاً مريساً ، واقعد في الشمس ، واستمرض الله . فجعل الأعمش يضحك ويقول
: كأنما قال له : واستشف الله عز وجل .
- قال عيسى بن يونس : أتى الأعمش أضياف ، فأخرج إليهم
رغيفين فأكلوهما . فدخل فأخرج لهم نصف حبل قتّ [ القتّ : علف البهائم ] ،
فوضعه على الخوان ، وقال : أكلتم قوت عيالي فهذا قوت شاتي فكلوه.
- قال
عبد الله بن إدريس ، قلت للأعمش : يا أبا محمد ، ما يمنعك من أخذ شعرك ؟
قال : كثرة فضول الحجّامين [ أي : الحلاقين] . قلت : فأنا أجيئك بحجام لا
يكلمك حتى تفرغ . فأتيت جنيداً الحجّام ، وكان محدثاً ، فأوصيته ، فقال :
نعم . فلما أخذ نصف شعره قال : يا أبا محمد ، كيف حديث حبيب بن أبي ثابت
في المستحاضة ؟ فصاح صيحة ، وقام يعدو . وبقي نصف شعره بعد شهر غير مجزوز
.
- عن حسين بن واقد قال : قرأت على الأعمش ، فقلت له : كيف رأيت قراءتي ؟ قال : ما قرأ عليّ علجٌ أقرأ منك .
قال وكيع :جاؤوا إلى الأعمش يوماً فخرج وقال : لولا أن في منزلي من هو أبغض إليّ منكم ماخرجت .
وسأله
مرة أبو داود الحائك : ما تقول يا أبا محمد في الصلاة خلف الحائك ؟ فقال :
لابأس بها على غير وضوء ، قال : وما تقول في شهادته ، قال : يقبل مع عدلين
.
المصدر: (نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء، المجلد الثاني ص 532 و ما بعدها).